الدموع تنهمر فوق الملاعب الخضراء !

تقرير - الدموع تنهمر فوق الملاعب الخضراء !

" وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " [ لقمان:34[ .. صدق الله العظيم
الموت حق وفوق رقاب كل العباد ، ولا مناص من قضاء الله .. ولكن في بعض الأحيان يجب ان يتوقف عنده الإنسان ، ليس من أجل العظة والإعداد ليوم الرحيل فقط ، ولكن من أجل بحث أسباب إهمال أو عدم إحترام النفس البشرية .. فكم من اللاعبين – المفترض أنهم أصحاء تماما – سقطوا في عمر الزهور ، ومع الاعتراف والاقتناع والإيمان الكامل بأن هذا قضاء الله وأنه لا يوجد لا كبير ولا صغير على الموت .. ولكن عندما تتكرر حالات الوفاة في أعمار صغيرة وسط رياضيين ، يجب التوقف كثيرا والإعداد لحملة طبية كبرى تشمل كل اللاعبين في مختلف الأنشطة الرياضية ، ويكفينا من الإهمال في صحة أطفالنا وشبابنا الكثير والكثير .. وعن الخدمة الطبية غير الصالحة ، فهذا حديث آخر ذو شجون ! .... ومن يهتم ؟! "إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ " صدق الله العظيم

حالة وفاة جديدة أحزنت الكثيرين في الوسط الرياضى وخارجه ، وشهد القسم الثالث في الدورى المصرى سقوط المغفور له بإذن الله ( باسم ممدوح عرفة ) - لاعب نادي مزارع رجب فوق أرضية الملعب بعد تعرضه لهبوط حاد في الدورة الدموية أثناء فترة الإحماء قبل مباراة فريقه أمام نادي نهضة العامرية ظهر اليوم في دوري الدرجة الثالثة المصري ، وأثارت تلك الحالة الجديدة العديد من الأحزان التى شهدتها الملاعب المصرية خلال السنوات القليلة الماضية ، كما استمر مسلسل الإهمال في عدم توافر سيارة إسعاف مجهزة وتأخرها عن إنقاذ حياة اللاعب .. وهوالأمر الذى يجب معه وقفة جادة وحقيقية ، سواء على مستوى وزارة الصحة – وليتها مشكلتهم الوحيدة – وعلى مستوى اتحاد الكرة والمجلس القومى للرياضة بضرورة خضوع كل الرياضيين إلى كشف طبى شامل وحقيقى ، وليس مثل الكشف الطبى المتعارف عليه في أغلب مؤسساتنا !!
وسبق هذا الحدث الأليم منذ عدة شهور حوادث أخرى غير مصرية ، فبعد أقل من ثلاثة أيام عقب وفاة النيجيري ( اندورانس آيداهور ) مهاجم المريخ السوداني على أرضية ميدان مباراة فريقه أمام نادي "الأمل" في بطولة الدوري المحلى بالسودان ، عادت الدموع لتتجدد وتضرب هذه المرة القلوب الغانية والتي أدماها الحزن على سقوط ضحية جديدة فوق أرضية الملاعب الخضراء وهو مدافع فريق "كاسبن اف سى" الغاني ، اللاعب " بارثولوميو ايبواه " البالغ من العمر 19 عاما فقط أثناء مباراة فريقه بالمرحلة الحادية والعشرين في البطولة الغانية للنخبة أمام فريق "ليبرتى" ..

وكان اللاعب النيجيري الأول قد سقط فجأة في الدقيقة 13 وسط ذهول الجميع وتصريحات طبية أكدت أن الوفاة نتجت عن هبوط حاد بالدورة الدموية ، ثم تلاه الغاني الشاب قبل نهاية مباراة فريقه بسبع دقائق فقط !

وهذه الحوادث أوجبت التوقف لوقت طويل أمام الإجراءات الطبية المتبعة في أغلب أندية ومنتخبات كرة القدم حول العالم ، وربما ليس كرة القدم فقط ، حيث تكررت تلك الوفيات والتي تنتج عن أزمات قلبية مفاجأة أو هبوط بالدورة الدموية ... ومع كامل الاعتراف والتأكيد بأن الموت هو أمر الهي نافذ لا راد له ، إلا أن تكرار نفس المشهد في مرات عديدة وبنفس التشخيص النهائي للوفاة ، يدفع الكثيرون لضرورة المطالبة بالكشف الطبي السليم والدقيق على اللاعبين قبل أن يمارسوا اللعبة من الأساس .. والقصور الواضح في هذا الامر ظهر خلال تاريخ قصير ولكنه ليس سعيدا أبدا !

الأمر لا علاقة له مباشرة بحادث وفاة لاعب بشكل قدرى لا يمكن منعه بأى حال من الأحوال ، ولكن المنطق يدفعنا الى ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر مثلما يحدث فى وظائف تحتاج الى مواصفات قياسية جسدية وصحية معينة ، فمثلا لا يمكن أن يتقدم شخص يملك مشاكل فى القلب الى وظيفة طيار ويمر من الكشف الطبي المبدأى بكل سهولة ، ونفس الأمر بالطبع فى لعبة كرة القدم أو الرياضة عامة ، حيث تتطلب مواصفات خاصة ليتحمل اللاعب معدلات الجري المتوقعة منه فى الملعب بالإضافة إلى التركيز الذهني الشديد أثناء المباريات ، ناهيك عن التعرض لضغط عصبى كبير وشديد نتيجة توالى المباريات والتدريبات أو عند الاستعداد للمشاركة فى لقاءات كبرى وهامة على كل المستويات !

وقد ظهر هذا بوضوح منذ سنوات ليست بعيدة مع حادثة اللاعب النيجيرى الأشهر " نوانكو كانو " ، والذى فوجئ كل من يتابع لعبة كرة القدم بأن لديه مشاكل قلبية قد تؤثر على مستقبله كلاعب كرة ، والمشكلة لم تكن فى اكتشاف الحالة نفسها بقدر ما كانت فى توقيت اكتشافها ، فاللاعب الذي تألق فى أولمبياد "أطلانطا"عام 1996 وقاد بلاده لانجاز تاريخى بالفوز بذهبية اللعبة أمام العملاق الأرجنتينى وقبلها إسقاط زعيم الكرة العالمية "البرازيل" ، كان من المستحيل وقتها أن يتخيل أى شخص أن لاعب شاب مفعم بالحيوية والنشاط الهائلين الذين ظهرا عليه فى تلك البطولة يمكن ان يكون مصابا باى مرض ، وخاصة فى القلب ، والغريب ان لم يتم اكتشاف هذا الا عند اجراء الكشف الطبى الدورى عليه من قبل نادى "انتر ميلان" الايطالى – أى بعد مرور اللاعب من الكشف الأولى واشتراكه مع الفريق الأوروبى الكبير فى بضعة مباريات، فكيف لم يتم اكتشاف هذا من قبل وخاصة انه كان لاعب فى صفوف نادى "أياكس امستردام الهولندى" وهو أحد الاندية الكبيرة فى العالم أيضا ! ... وكان من الممكن جدا أن يسقط اللاعب مع منتخب بلاده فى الأولمبياد ، الا ان القدر كان رحيما به وعاد الى الملاعب بعد اجراء جراحة ناجحة انتقل بعدها وتألق فى صفوف نادى الأرسنال الانجليزى .... وربما كانت تلك هى البداية الحقيقية لاكتشاف مثل هذه الحالات ، الا ان الواضح ان القصور مازال متواجد بقوة فى هذا المجال المهم للغاية !

كما لم ينس أى متابع للعبة لقطة وفاة اللاعب الكاميرونى " مارك فيفيان فوى " فى مباراة منتخب بلاده أمام (كولومبيا) فى الدور قبل النهائى لبطولة كأس القارات 2003 ، والذى سقط فجأة فى الدقيقة 72 من تلك المباراة ونقل على اثرها الى المستشفى بعد أن فشل الأطباء من افاقته فى الملعب لتتأكد الوفاة عقب وصوله هناك .. وقد أشارت تقارير طبية حول أن سبب الوفاة كان تضخما بالقلب ، وقد تناثرت أقاويل عدة حول ضرورة تخفيض عدد المباريات التى يلعبها كل لاعب طوال الموسم ، وخاصة مع تلاحمها أحيانا لسنوات متتالية وهو ما قد يؤثر على صحة اللاعب حتى ولو كان سليما نظرا لغياب التخطيط أحيانا السليم لكيفية لعب مباريات معينة فى موسم واحد بما يتناسب مع القدرات جسدية للبشر عموما !!

بعيدا عن الوفيات العالمية للاعبى كرة القدم ، فإن وفاة الراحل / محمد عبد الوهاب لاعب الاهلى ومنتخب مصر السابق هو الآخر كان فاجعة كبرى لم تتحملها الجماهير المصرية لرحيل هذا اللاعب الشاب فجأة وبلا مقدمات ( 23 عاما ) فى احدى تدريبات النادى الأهلى حيث سقط وحده بدون أن يلمسه أى شخص وبعدها تذكر الجميع اللقطة التى أظهرت ترنحه فى لقاء فريقه مع الزمالك ولم يلتفت لها أحد وقتها ، وخاصة مع مستواه المميز الفنى والبدنى العالى الذى قدمه مع فريقه النادى الاهلى وفوزه ببطولة رابطة الابطال الافريقية وفوزه أيضا مع منتخب بلاده بكأس الأمم الافريقية 2006 التى أقيمت بمصر ، وقد أرجع الاطباء وقتها حالة الوفاة لسبب أزمة قلبية حادة أيضا .. مما أثار بعض التساؤلات داخل مصر أيضا حول ماهية الكشف الطبى على اللاعبين وقيمته الحقيقية فى الكشف عن مرض لاعب ما او حتى المداومة على مثل هذه المتابعات الطبية اللازمة لاكتشاف أى خطر قد يحيق بلاعب ما ...
كان قد سبق وفاة اللاعب / محمد عبد الوهاب حالة أخرى للاعب مصرى يدعى ( حامد سويدان – 31 عاما ) أثناء مباراة فريقه "دمنهور" مع فريق نادى الكروم فى دورى الدرجة الاولى بموسم 2001/2002 ، وقد سقط اللاعب قبلها مرتين فى الملعب وفى كل مرة كان يكمل مشاركة اللعب بالرغم من التصريحات التى خرجت وقتها من طبيب الفريق حول اعتراضه على مشاركة اللاعب قبل المباراة لوجود بعض المشاكل لديه فى الدورة الدموية ، وتسببت أزمة قلبية هى الاخرى فى وفاته اثناء تلك المباراة !

بالاضافة الى ذلك ، كان هناك تاريخا غير جيدا يعكس عدم وجود رعاية طبية واعية ومتمرسة فى حالات أخرى مثل بلع اللسان والتى نتذكر جيدا حالة وفاة اللاعب التونسى ( الهادى بالرخيصة ) عام 1997 عن عمر لم يتجاوز الـ 27 عاما فى مباراة فريقه "الترجى" أمام أوليمبك ليون .. وهو ما تكرر مع لاعب جزائرى بالدورى المحلى ، بينما نجا منها اللاعب الدولى الجزائرى "عبد الحفيظ تسفاوت" فى مباراة منتخب بلاده امام مالى بكأس الأمم الافريقية عام 2002 ... و شهدت عدة ملاعب عربية مثل هذه الحادثة ونجا منها اللاعبون ، فشهدت الملاعب السعودية حالة " عدنان عبد الشكور " بعد احتكاكه بأحمد بهجا في لقاء النصر والاتحاد. .... و حالة " ماجد عبد الله " بعد ارتطام كرة الشريدة بوجهه في لقاء الهلال والنصر .. و حالة " راشد المقرن " في لقاء الأهلي والشباب .. كما شهدت الملاعب المصرية حادثة مماثلة ونجا منها لاعب الزمالك الأسبق " بشير التابعى " ـ وتكرر الامر مع "شريف عكاشة" لاعب نادى البدرشين امام فريق الحوامدية !

لذلك كله ، يجب أن يكون هناك ضغطا من جانب المؤسسات الرياضية للتأكيد على الدور الطبى الهام جدا فى المتابعة الدورية لكل المشاركين بالرياضة ، حيث لم تقتصر حالات الموت المفاجئ على لعبة كرة القدم بل شملت لعبات عديدة ، لأن ليس كل مشارك بالرياضة قادر على تحمل مشقاتها سواء جسديا أو عصبيا وهو ما يؤكد حتمية تواجد كشف دورى مستمر ربما شهريا على كل اللاعبين للكشف المبكر عن تلك الحالات مثلما يحدث مع حالات طبية بعيدة حتى عن الملاعب والرياضة ... فالموت لا راد له فهو قضاء الله ، ولكن اكتشاف المرض المبكر قد يقى صاحبه من التعرض لمخاطر كبرى سيكون فى غنى عنها بالتأكيد ، فهو فى النهاية روح بشرية وليس آلة !

بعض أشهر حالات الوفاة المفاجأة نتيجة هبوط بالدورة الدموية او أزمات قلبية او حالات بلع اللسان فى ملاعب العالم :

1) مارك فيفان فوى – منتخب الكاميرون – 2003 ( 28 عام )

2) المجرى ميكلوس فير – نادى بنفيكا البرتغالى – 2004 ( 24 عام )

3) باولو سيرجيو دي أوليفا – البرازيل - 2004 ( 30 عام )

4) أنطونيو بويرتا – أشبيليه الأسبانى – 2007 ( 22 عام )

5) خافيير هيرنانديز أرويو - لنادي أوليمبيكا بالبردينيا"الدرجة الاولى الأسبانية" – 2008 ( 22 عام )

6) يوسف بلخوجة – الوداد البيضاوى المغربى – 2001 ( 24 عام )

7) الهادى بالرخيصة – الترجى التونسى – 1997 ( 27 عام )

8) محمد عبد الوهاب – الاهلى المصرى – 2006 ( 23 عام )

9) حامد سويدان – دمنهور المصرى – 2002 ( 31 عام )