أتعصي الله وأنت تنعم بنعمه؟

"من أراد الغنى بلا مال، والعزّ بلا عشيرة، والطاعة بلا سلطان، فليخرج من ذلّ
المعصية إلى عز طاعة الله سبحانه وتعالى فإنه واجد ذلك كله". قال إبراهيم
بن أدهم "نحن نسل من نسل الجنة، سبانا إبليس بالمعصية، وحقيق على المسيء
ألا يهنأ بعيشه حتى يرجع إلى وطنه".

وإليكم هذا الحوار الرفيع بين رجل وطبيب نفساني خبير كفء، لقد رأى
رجل أن نفسه قد غلبته، فذهب إلى طبيب القلوب: إبراهيم بن أدهم، وطلب منه
أن يعرض عليه ما يكون زجرا له عن فعل الماضي، فقال إبراهيم "إن قدرت على
خمس خصال لن تكون من العاصين. قال الرجل: هات ما عندك. فقال له إبراهيم بن
أدهم: الأولى إن أردت أن تعصي الله فلا تأكل من رزقه. فتعجّب الرجل، ثم
قال متسائلا: كيف تقول ذلك يا إبراهيم والأرزاق كلها من عند الله؟ قال إن
كنت تعلم ذلك فهل يجدر بك أن تأكل من رزقه وتعصيه؟ قال: لا يا ابراهيم.

هات الثانية. قال له: إذا كنت تعلم ذلك فهل يجدر بك أن تسكن بلاده وتعصيه؟
قال: لا يا إبراهيم. هات الثالثة. قال الثالثة: إذا أردت أن تعصي الله
سبحانه فانظر مكانا لا يراك فيه الله فاعصه فيه، قال: كيف تقول ذلك يا
ابراهيم وهو يعلم السر وأخفى، يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء
في الليلة الظلماء، قال: إذا كنت تعلم ذلك، فهل يجدر بك أن تعصيه؟ قال: لا
يا ابراهيم.

هات الرابعة. قال: إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك، فقل له: أخّرني إلى أجل
معدود، فقال الرجل كيف تقول ذلك يا ابراهيم، والله سبحانه يقول "فإذا جاء
أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" "الأعراف34" فقال: إذا كنت تعلم ذلك
فكيف ترجو النجاة؟. قال: نعم يا ابراهيم. هات الخامسة قال: الخامسة: إذا
جاءتك ملائكة جهنم "الزبانية" ليأخذوك إلى جهنم، فلا تذهب معهم. فما كاد
الرجل يستمع إلى هذه الخامسة، حتى قال باكيا: كفى يا ابراهيم، أنا أستغفر
الله، وأتوب إليه، ولزم العبادة حتى مات".

لكن ليس فهم ذلك، أن يقنط الإنسان من رحمة الله، فهذه قصة وحشي توضح ذلك،
بعد غزوة أحد ومقتل حمزة بن عبد المطلب الذي قتله العبد وحشي الذي كان
لأمية بن خلف، أهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دمه فهرب إلى القفار. ولكن
في يوم من الأيام ألقى الله في قلبه الإسلام، فكتب إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم قائلا: "يا محمد إني أريد الاسلام، ولكن منعني من الاسلام آية
أنزلها الله عليك "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس
التي حرّم الله إلا بالحق ولا يزنون، ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له
العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا" "الفرقان68- 69"، وأنا كما تعلم مشرك
وقاتل وزان.

فأنزل الله سبحانه "إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدّل الله سيئاتهم
حسنات وكان الله غفورا رحيما" "الفرقان70" فأرسل عليه الصلاة والسلام إليه
هذه الآية جوابا على رسالته. فلما رآها أرسل إلى الرسول عليه الصلاة
والسلام برسالة أخرى "يا محمد، إن في هذه الآية شروط". يريد أن يشترك
التوبة، والايمان والعمل الصالح، ويريدها رحمة ومغفرة بدون هذه الشروط.
فأنزل الله سبحانه وتعالى "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك
لمن يشاء" "النساء48".

فأرسل الرسول بهذه الآية جوابا على رسالته الثانية ولكن وحشيا لما
قرأ هذه الآية أرسل إلى رسول الله برسالة قال فيها "إن في الآية اختصاصا"
أي أن الله يختص برحمته من يشاء وربما لا تخصه رحمة الله. فأنزل الله
سبحانه "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن
الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم" "الزمر53"، فلما أرسل
الرسول إليه هذه الآية وقرأها وحشي أتى إلى رسول الله وأعلن اسلامه.

وقد شارك مع رسول الله عدة غزوات، وهو الذي قتل مسيلمة الكذّاب في حروب
الردة، وقال: "قتلت خير الناس وأنا على جاهليتي، وشر الناس وأنا على
الاسلام".

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين
التوابون"، وقال علي بن أبي طالب "من نسي خطيئته استعظم خطيئة غيره" قال
بعض الحكماء "أصول الخطايا كلها ثلاثة: الكبر: وهو ما أوصل إبليس إلى ما
هو عليه من كفر، والحرص: وهو ما أخرج آدم من الجنة، والحسد: وهو ما جرّ
قابيل على قتل أخيه هابيل.

فمن وقي شرّ هذه الثلاثة فقد وقي الشر، فالكفر من الكبر، والمعاصي من
الحرص، والبغي والظلم من الحسد". قال الإمام سحنون "ترك الحرام أفضل من
جميع عبادة الله، وترك الحلال لله أفضل من أخذه وإنفاقه في طاعة الله".
وقد حصر حاتم الأصم الطاعة في ثلاثة والمعصية في ثلاثة، فقال "أصل الطاعة
ثلاثة أشياء: الخوف، والرجاء، والحب، وأصل المعصية ثلاثة أشياء: الكبر
والحرص والحسد"..

يارب رضاك عنا وغفرانك

اللهم احفظنا من المعاصى واعصمنا من شرور انفسنا ونقنا من ذنوبنا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس امين يارب العالمين

أتعصي الله وأنت تنعم بنعمه؟ 907323

"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن
الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم"
------
اللهم اغفر لنا كل سيئاتنا

واهدنا الى الطريق المستقيم .

*
اللّهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

*اللّهم إني أعوذ بك من الفقر ، والقلة والذلة وأعوذ بك من أن أَظلِم أو أُظلَم

*اللّهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك

أتعصي الله وأنت تنعم بنعمه؟ 21_31835_21182324223

أتعصي الله وأنت تنعم بنعمه؟ 21_31835_21182324223

ميرسي جدا لمروركم
كم اسعدني مروركم على الموضوع
تحياتي لكم