روي عن أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) أنه قال لكميل بن زياد :
يا كميل ليس الشأن أن تصلي وتصوم وتتصدق ، الشأن أن تكون الصلاة بقلب نقي وعمل عند الله مرضي وخشوع سوى .
كيف يصبح العبد ملكاً ؟
روي أن امرأة العزيز وقفت على الطريق فمرت بها المواكب حتى مرّ يوسف ( عليه السَّلام ) ، فقالت : الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكاً بطاعته ، والحمد لله الذي جعل الملوك عبيداً بمعصيته .
الموعظة
قال قيس بن عاصم : كنت مع جماعة من بني تميم عند النبي ( صلى الله عليه و آله ) ، فطلبت منه الموعظة ، فوعظنا .. ـ إلى أن قال ـ فقلت يا نبي الله أحب أن يكون هذا الكلام من أبيات شعر نفخر به على من يلقانا من العرب وندّخره ، فأمر النبي ( صلى الله عليه و آله ) من يأتيه بحسان ، لكن قبل وصول حسان استقام لي أبيات من الشعر ، فقلت يا رسول الله قد حضرتني أبيات ، فقال النبي ( صلى الله عليه و آله ) : قل يا قيس ، فقلت :
تخيّر قريناً من فعالك إنما * قرين الفتى في القبر ما كان يفعل
ولابد من بعد الموت من أن تعدّه * ليوم ينادي المرء فيه فيقبل
فإن كنت مشغولاً بشيءٍ فلا تكن * بغير الذي يرضى به الله تشتغل
فلن يصحب الإنسان من بعد موته * ومن قبله إلا الذي كان يعمل
ألا إنما الإنسان ضيف لأهله * يقيم قليلاً بينهم ثم يرحل [1]
غَضُّ البَصَر
رُوِيَ عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ [2] ( عليه السَّلام ) أَنهُ قَالَ :
" اسْتَقْبَلَ شَابٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ امْرَأَةً بِالْمَدِينَةِ ، وَ كَانَ النِّسَاءُ يَتَقَنَّعْنَ خَلْفَ آذَانِهِنَّ ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَ هِيَ مُقْبِلَةٌ ، فَلَمَّا جَازَتْ نَظَرَ إِلَيْهَا وَ دَخَلَ فِي زُقَاقٍ قَدْ سَمَّاهُ بِبَنِي فُلَانٍ ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ خَلْفَهَا ، وَ اعْتَرَضَ وَجْهَهُ عَظْمٌ فِي الْحَائِطِ أَوْ زُجَاجَةٌ فَشَقَّ وَجْهَهُ .
فَلَمَّا مَضَتِ الْمَرْأَةُ نَظَرَ فَإِذَا الدِّمَاءُ تَسِيلُ عَلَى صَدْرِهِ وَ ثَوْبِهِ ، فَقَالَ : وَ اللَّهِ لآَتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) وَ لَأُخْبِرَنَّهُ .
قَالَ : فَأَتَاهُ ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) ، قَالَ لَهُ : " مَا هَذَا ؟ فَأَخْبَرَهُ .
فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ ( عليه السَّلام ) بِهَذِهِ الْآيَةِ : { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ } [3] " [4] .
مَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ
رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيِّ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ مُكْرَمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ [5] ( عليه السلام ) أَنَّهُ قَالَ :
اشْتَدَّتْ حَالُ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ( صلى الله عليه وآله ) ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ لَوْ أَتَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَسَأَلْتَهُ .
فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ( صلى الله عليه وآله ) ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ ( صلى الله عليه وآله ) قَالَ : " مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ وَ مَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ " .
فَقَالَ الرَّجُلُ : مَا يَعْنِي غَيْرِي .
فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَأَعْلَمَهَا .
فَقَالَتْ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) بَشَرٌ فَأَعْلِمْهُ .
فَأَتَاهُ ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) قَالَ : " مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ وَ مَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ " .
حَتَّى فَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ [6] ثَلَاثاً .
ثُمَّ ذَهَبَ الرَّجُلُ فَاسْتَعَارَ مِعْوَلًا ، ثُمَّ أَتَى الْجَبَلَ فَصَعِدَهُ فَقَطَعَ حَطَباً ثُمَّ جَاءَ بِهِ فَبَاعَهُ بِنِصْفِ مُدٍّ مِنْ دَقِيقٍ .
فَرَجَعَ بِهِ فَأَكَلَهُ ، ثُمَّ ذَهَبَ مِنَ الْغَدِ فَجَاءَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَبَاعَهُ ، فَلَمْ يَزَلْ يَعْمَلُ وَ يَجْمَعُ حَتَّى اشْتَرَى مِعْوَلًا .
ثُمَّ جَمَعَ حَتَّى اشْتَرَى بَكْرَيْنِ [7] وَ غُلَاماً ، ثُمَّ أَثْرَى حَتَّى أَيْسَرَ [8] .
فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ( صلى الله عليه وآله ) فَأَعْلَمَهُ كَيْفَ جَاءَ يَسْأَلُهُ وَ كَيْفَ سَمِعَ النَّبِيَّ ( صلى الله عليه وآله ) .
فَقَالَ النَّبِيُّ ( صلى الله عليه وآله ) : " قُلْتُ لَكَ ، مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ ، وَ مَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ " [9] .
[1] معاني الأخبار ( للصدوق عليه الرحمة ) : 233 ، و الخصال : 115 .
[2] أي الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) ، خامس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
[3] سورة النور ( 24 ) ، الآية : 30 .
[4] الكافي : 5 / 521 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
[5] أي الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) ، سادس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
[6] أي كَرَّرَ الذهاب إلى الرسول ( صلى الله عليه و آله ) .
[7] البَكْر : الفتى من الإبل ، و التثنية بَكْرَين .
[8] أَيسَرَ : صارَ مَيْسُور الحال .
[9] الكافي : 2 / 139 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .