اندلعت مساء أمس السبت، أضخم مظاهرة فى تاريخ إسرائيل منذ إقامتها على الأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1948، حيث انطلقت مسيرات احتجاجية ضخمة لم
يسبق لها مثيل، وحمل المتظاهرون لافتات مكتوب عليها شعارات "
الشعب يريد إسقاط النظام ".. و"
الحكومة تركت الشعب " وذلك فى الشوارع الرئيسية والمجمع الحكومى بتل أبيب والمدن الإسرائيلية الكبرى، وكذلك فى معظم الميادين العامة.
وتشهد الشوارع والميادين الرئيسية فى كلا من تل أبيب والقدس المحتلة توافد ما لا يقل عن نصف مليون إسرائيلى حيث وصلت الأعداد حتى كتابة تلك السطور فى
تل أبيب إلى ربع مليون على الأقل وكذلك فى القدس والمدن الأخرى.
وذكرت القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلى أن المظاهرات العارمة جاءت نتيجة غلاء أسعار السكن، ولممارسة ضغوط على حكومة "بنيامين نتانياهو" لخفض
الأسعار والتوزيع العادل للثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وبثت قنوات التليفزيون الإسرائيلى بمختلف توجهاتها المظاهرات ببث مباشرة من شارع "روتشيلد" الذى يشهد أكير تجمع للإسرائيليين الغاضبين وغيره من
الشوارع الرئيسية فى تل أبيب والقدس المحتلة.
ونقل التلفزيون الإسرائيلى عن أحد ممثلى حركة الاحتجاج قوله قبل ساعات من انطلاق المظاهرات "نحن نأمل فى أن ببلغ حجم المتظاهرين أكثر من مائتى ألف
شخص يطالبون الحكومة بإصلاحات جذرية فى سياستها الاجتماعية"، وأوضح التلفزيون أن الأعداد بلغت بالفع هذا الرقم وفاقته بكثير.
وقال أحد المتظاهرين إن الحكومة فشلت فى تلبية مطالب المتظاهرين بشكل جدى، ولذلك نحن ندعوا لرحيلها، ،معبرا عن رفضه للجنة الوزارية التى تعهد
نتانياهو بتشكيلها للنظر فى مطالب المتظاهرين.
وأوضح ناشط آخر بالمظاهرات أنه يتوقع معركة طويلة مع حكومة نتانياهو، لأن الأمر يتعلق بالتحرك لتغيير منظومة بأكملها ترجح مصلحة الفرد على حساب
مصلحة الجماعة.
بينما أكد أحد المتظاهرين أيضا أن حركة الاحتجاج التى انطلقت منذ منتصف الشهر الماضى تحظى بتأييد واسع للغاية من الإسرائيليين.
ورفع المشاركون بالمظاهرة التى انضم إليها معلمون وعاملون بالقطاع الاجتماعى ومجندات من الشرطة شعارات جاءت فيها "الشعب يريد عدالة اجتماعية"
و"الشعب يريد إسقاط نتانياهو".
وكان اللافت للنظر أن إحدى اللافتات كتب عليها باللغة العربية "ارحل" كما رفعها المصريون من قبل فى ميدان التحرير خلال مطالبتهم برحيل الرئيس السابق"حسنى مبارك" عن الحكم.
وأوضحت القناة الثانية بالتليفزيون العبرى أن حكومة نتانياهو لم تستطع حتى الآن بلورة إصلاحات شاملة تلبى مطالب المتظاهرين، حيث حذر رئيس الوزراء
الإسرائيلى من أن كلفة هذه الإصلاحات ستكون عالية بما قد يدخل إسرائيل فى دوامة أزمة مالية.
وفى المقابل، تأهبت الشرطة الإسرائيلية بشكل بالغ حيث عززت من قواتها فى جميع الشوارع وقامت بإغلاق عدة شوارع فى مناطق المظاهرات بتل أبيب خلال
الساعات الجارية، فى الوقت الذى نظمت فيه مظاهرة أخرى ضخمة بالقدس المحتلة قرب منزل نتانياهو، بالإضافة لمظاهرات بعدة مدن مثل "هود هشارون" و"عسقلان"
و"إيلات" و"حيفا" و"بئر السبع" و"كريات شمونا" و"كريات ملاخى".
وفى وسط القدس المحتلة تظاهر حوالى 200 ألف إسرائيلى أمام منزل نتانياهو، كما شارك عشرات الآلاف فى عدة مظاهرات جرت فى شمال إسرائيل ومنها "تمرة" و"نهاريا"
وتمكن قادة حركة الاحتجاج على غلاء المعيشة فى إسرائيل من صياغة ورقة مبدئية تفصّل مطالبهم الموجهة إلى الحكومة فى مجالات الضرائب والسكن
والصحة، فى الوقت الذى أبدى اثنان من أركان حزب "الليكود" تعاطفهما مساء اليوم مع المحتجين فى شوارع إسرائيل.
وفى أول رد فعل حكومى على المظاهرات الضخمة قال وزير المواصلات "يسرائيل كاتس" إن الاحتجاجات على غلاء أسعار السكن ملحوظة وتم استيعاب الرسالة التى
تحملها معتبراً أن الحكومة تتعامل معها بجدية.
وأضاف أن الإجراءات الحكومية المطلوبة يجب أن تلتزم بإطار الميزانية تفادياً لحالة الانهيار الاقتصادى وتزايد معدلات البطالة.
وفى السياق نفسه، قال وزير التضامن الاجتماعى "موشيه كاحلون" إنه يتعين على الحكومة فى نهاية المطاف السعى لنقل جزء من الأموال التى يحتفظ بها
الأغنياء إلى الفقراء وضعفاء، مؤكدا سعيه لتحسين أوضاع الشرائح المحتاجة والطبقة الوسطى.
من جانبها دعت رئيسة المعارضة الإسرائيلية "تسيبى ليفنى" مساء أمس إلى
تغيير أولويات الحكومة منتقدة بشدة نتانياهو قائلة "إنه يرضخ للابتزاز السياسى ويدفع المبالغ الطائلة إلى مجموعات صغيرة"، مضيفة أن المتظاهرين
يمثلون دافعى الضرائب الذين يحتجون ضد الحكومة التى لم تعُد تمثلهم.