Al-Ahly Fans Official Site
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Al-Ahly Fans Official Site

الأهلي فانز دوت كوم
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 تاريخ المسجد 1430هـ

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
محمد حلبى
المشرفين على المنتدى
المشرفين على المنتدى
محمد حلبى


الإشتراك : 16/04/2009
المساهمات : 1827
الـعـمـر : 71
الإقامة : العصافرة بحري _ الاسكندرية
اللاعب المفضل : ابو تريكه
ناديك المفضل : عاشق الاهلي
نقاط التميز نقاط التميز : 1030

تاريخ المسجد  1430هـ Empty
مُساهمةموضوع: تاريخ المسجد 1430هـ   تاريخ المسجد  1430هـ Emptyالإثنين أغسطس 08, 2011 10:55 pm

تاريخ المسجد

1430هـ

د. ناصر بن محمد الأحمد

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله ...

أما بعد: أيها المسلمون: إنّ أولَ ما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد هجرته المباركة بناء المسجد، وذلك لتظهر فيه شعائر الإسلام التي طالما حوربت، ولتقام فيه الصلوات التي تربط المرء برب العالمين، وتنقي القلب من أدران الأرض وأدناس الحياة الدنيا. روى البخاري بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المدينة راكباً راحلته، فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مربداً للتمر لسهل وسهيل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بركت به راحلته: "هذا إن شاء الله المنـزل" ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً فقالا: لا، بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما.

بعدها شرع الرسول صلى الله عليه وسلم في العمل مع أصحابه، وضرب أول معول في حفر الأساس الذي كان عمقه ثلاثة أذرع، ثم اندفع المسلمون في بناء هذا الأساس بالحجارة والجدران التي لم تزد عن قامة الرجل إلا قليلاً باللبن الذي يعجن بالتراب ويسوى على شكل أحجار صالحة للبناء، وفي الناحية الشمالية منه أقيمت ظلة من الجريد على قوائم من جذوع النخل، كانت تسمى "الصفة"، أما باقي أجزاء المسجد فقد تركت مكشوفة بلا غطاء، أما أبواب المسجد فكانت ثلاثة: باب في مؤخرته من الجهة الجنوبية، وباب في الجهة الشرقية كان يدخل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم بإزاء باب بيت عائشة، وباب من الجهة الغربية يقال له باب الرحمة أو باب عاتكة.

وبُني لرسول الله صلى الله عليه وسلم حُجَر حول مسجده الشريف، لتكون مساكن له ولأهله، ولم تكن الحُجر كبيوت الملوك والأكاسرة والقياصرة، بل كانت بيوتَ مَن ترّفع عن الدنيا وزخارفها، وابتغى الدار الآخرة، فقد كانت كمسجده مبنية من اللبن والطين وبعض الحجارة، وكانت سقوفها من جذوع النخل والجريد، وكانت صغيرة الفناء قصيرة البناء ينالها الغلام الفارع بيده.

وبعد اكتمال بناء المسجد تشاور رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه لإيجاد عمل ينبه النائم ويذكر الساهي، ويعلم الناس بدخول الوقت لأداء الصلاة، فقال بعضهم: ترفع راية إذا حان وقت الصلاة ليراها الناس، فاعترضوا على هذا الرأي لأنها لا تفيد النائم ولا الغافل، وقال آخرون نشعل ناراً على مرتفع من الهضاب، فلم يقبل هذا الرأي أيضاً، وأشار آخرون ببوق، وهو ما كانت اليهود تستعمله لصلواتهم، فكرهه الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه يجب مخالفة أهل الكتاب في أعمالهم، وأشار بعض الصحابة باستعمال الناقوس وهو ما يستعمله النصارى، فكرهه الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً، وأشار فريق بالنداء فيقوم بعض الناس إذا حانت الصلاة وينادي بها، فَقُبل هذا الرأي. وكان أحد المنادين عبد الله بن زيد الأنصاري، فبينما هو بين النائم واليقظان، إذ عرض له شخص، وقال: ألا أعلمك كلمات تقولها عند النداء بالصلاة؟ قال بلى: فقال له: قل: الله أكبر، مرتين، وتشهد مرتين، ثم قل: حي علي الصلاة مرتين، ثم قل: حي على الفلاح مرتين، ثم كبر مرتين: ثم قل: لا إله إلا الله. فلما استيقظ توجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبره خبر رؤياه فقال صلى الله عليه وسلم: "إنها لرؤيا حق" ثم قال له: "لقن بلالاً فإنه أندى صوتاً منك"، وبينما بلال يؤذن للصلاة بهذا الأذان جاء عمر بن الخطاب يجر رداءه فقال: والله لقد رأيت مثله يا رسول الله. وكان بلال بن رباح أحد مؤذنيه بالمدينة، والآخر عبد الله بن أم مكتوم، وكان بلال يقول في أذان الصبح بعد حي على الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين، وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك، وكان يؤذن في البداية من مكان مرتفع ثم استحدث بعد ذلك المنارة.

أيها المسلمون: المسجد: أنشئ ليكون متعبداً لصلاة المؤمنين وذِكرهم وتسبيحهم لله، وتقديسهم إياه بحمده وشكره على نعمه عليهم، يدخله كل مسلم، ويقيم فيه صلاته وعبادته.

أنشئ المسجد: ليكون ملتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه والوافدين عليه، طلباً للهداية ورغبة في الإيمان بدعوته وتصديق رسالته.

أنشئ المسجد: ليكون جامعة للعلوم، وليكون مدرسة يتدارس فيها المؤمنون، ومعهداً يؤمّه طلاب العلم من كل صوب، ليتفقهوا في الدين ويرجعوا إلى قومهم مبشرين ومنذرين، داعين إلى الله هادين، يتوارثونها جيلاً بعد جيل.

أنشئ المسجد: ليجد الغريب فيه مأوى، وابن السبيل مستقراً لا تكدره منَّة أحد عليه، فينهل من رفده ويعب من هدايته ما أطاق استعداده النفسي والعقلي، لا يصده أحد عن علم أو معرفة أو لون من ألوان الهداية. فكم من قائد تخرج فيه، وبرزت بطولته بين جدرانه، وكم من عالم استبحر علمه في رحابه، ثم خرج به على الناس يروي ظمأهم للمعرفة، وكم من داعٍ إلى الله تلقى في ساحاته دروس الدعوة إلى الله فكان أسوة الدعاة، وقدوة الهداة، وريحانة جَذَبَ القلوب شذاها فانجفلت تأخذ عنها الهداية لتستضيء بأنوارها، وكم من أعرابي جِلْف لا يفرّق بين الأحمر والأصفر، وفد عليه فدخله ورأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حوله هالة تحف به، يسمعون منه وكأن على رؤوسهم الطير، فسمع معهم وكانت عنده نعمة العقل مخبأة تحت ستار الجهالة، فانكشف له غطاء عقله، فعَقَلَ وفقِه، واهتدى واستضاء، ثم عاد إلى قومه إماماً يدعوهم إلى الله، ويربيهم بعلمه الذي علم، وسلوكه الذي سلك فآمنوا بدعوته، واهتدوا بهديه، فكانوا سطراً منيراً في كتاب التاريخ الإسلامي.

أنشئ المسجد: ليكون قلعة لاجتماع المجاهدين إذا استُنفروا، تُعقد فيه ألوية الجهاد والدعوةُ إلى الله، وتخفق فيه فوق رؤوس القادة الرايات للتوجه إلى مواقع الأحداث، وفي ظلها يقف جند الله في نشوة ترقب النصر أو الشهادة.

أنشئ المسجد: ليجد فيه المجتمع المسلم الجديد ركناً في زواياه، ليكون مشفى يستشفى فيه جرحى كتائب الجهاد ليتمكن نبي الله صلى الله عليه وسلم من عيادتهم، والنظر في أحوالهم، والاستطباب لهم، ومداواتهم في غير مشقة ولا نصب تقديراً لفضلهم.

أنشئ المسجد: ليكون مركزاً لبريد الإسلام، منه تصدر الأخبار، ويُبرَدُ البريد، وتُصدّر الرسائل، وفيه تُتَلقى الأنباء السياسية سلماً أو حرباً، وفيه تُتلقى وتقرأ رسائل البشائر بالنصر، ورسائل طلب المدد، وفيه يُنعى المستشهدون في معارك الجهاد ليتأسى بهم المتأسون وليتنافس في الاقتداء بهم المتنافسون.

أنشئ المسجد: ليكون مرقباً للمجتمع المسلم، يُتعرف منه على حركات العدو المريبة، ويرقبها ولا سيما الأعداء الذين معه يساكنونه ويخالطونه في بلده من شراذم اليهود وزمر المنافقين ونفايات الوثنية.

أيها المسلمون: المسجد: له تاريخه وله دوره في حياة المسلمين، يجهل كثير من المسلمين تاريخ مسجدهم ودور مسجدهم وما يجب عليهم تجاهه.

بَنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده ليكون روضة من رياض الجنة، إمامه محمد صلى الله عليه وسلم، وتلاميذه: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت، ومواده المقررة وحي الله عز وجل، وأما مطلبه فهو أن تكون كلمة الله هي العليا.

عمّار المساجد: هم أولياء الله عز وجل وأحبابه من خلقه: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)، لذلك فأعداء هذا الدين بجميع مللهم ونحلهم لا يريدون للمساجد أن تُعمر، ولعلمهم بأن المساجد تهدد بقاءهم وتحولُ بينهم وبين شهواتهم، وتُنهِي تواجدهم في الأرض، فهم لذلك لا يريدون عمارتها، وإنما يسعون جاهدين إلى هدمها وإزالتها من الأرض، ولذلك وصفهم الحق سبحانه وتعالى بقوله: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين).

المساجد: بيوت الله عز وجل في الأرض، أطهر ساحات الدنيا، وأنقى بقاع الأرض، فيها تتآلف القلوب المؤمنة، وتنـزِل رحمات الرب، وتهبِط ملائكة الله، وتحل السكينة والخشوع.

حق على هذه الأمة الاعتناء بمساجدها لأنها مظهر للرقي والفلاح. كنّا أمة مبعثرة قبل ظهور الإسلام، فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم جمعنا في أعظم جامعة، آخت بين قلوبنا، وجمعت كلمتَنا، ووحدت شملَنا، ولمت شعثنا، ألا وهي المسجد، فكان حقاً علينا جميعاً أن نُظهر هذه المساجد بأجمل مظهر يعرفه الناس، فنعتني بها أكثر من بيوتنا ومنازلنا، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب".

المسجد: هيئة لتأديب القلوب وتهذيب الأرواح، فالقلوب لا تتأدب إلا بالتربية المتأنية والكلمة اللينة والقدوة الحسنة، وهذه كلها وجدت في مسجده عليه الصلاة والسلام، ولذا فمن أراد أن يربي نفسه فليَلزَم المسجد، ومن أراد أن يربي ولده فليُلزمه المسجد، وننصح من يقومون على تربية الناشئة أن يعودوهم على لزوم المساجد فإنها خير معين على ذلك.

قد يستغرب البعض إذا قيل أنه من المسجد تُصرف الأدوية الربانية، وفي المسجد يُعالج المرضى. لم تَعرِف صيدليات العالم ولا عيادات التاريخ الإنساني أعظمَ من صيدلية محمد صلى الله عليه وسلم وعيادته المباركة التي كتب عليها (وإذا مرضت فهو يشفين) وما ذلك إلا لأن دواءها وعلاجها يصل مباشرة إلى القلوب فيشفيها بإذن الله، وكثيراً ما كان المرضى يأتون إلى مسجده صلى الله عليه وسلم الذي كان مكاناً لعلاج المرضى وبخاصة في أيام الحروب والمعارك، فعن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت: "أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق في الأكحل - وهو عرق في وسط الذراع - فضرب النبي صلى الله عليه وسلم له خيمة في المسجد ليعوده من قريب". متفق عليه. وهذا يعني أن الجريح أو المريض له أن يُعالَج في المسجد ليكون قريباً للإمام وأعيان الناس فيتمكنون من عيادته إذا اقتضى الحال ذلك، ثم لأن المسجد مكان عبادة وبقعة طاهرة تحف بها الملائكة وتغشاها السكينة فيكون المريض بذلك قريباً من دعوات إخوانه المؤمنين فيكون سبباً في شفائه وبرئه وسرعة استعادته لعافيته، وهذا سبب خفيّ قل من يتنبه له أو يتذكره، ومن هنا فأن المسجد مكان طبيعي لعلاج مرض القلوب إضافة إلى أنه من أحسن البقاع وأفضلها في علاج الأبدان بإذن الله سبحانه.

أيها المسلمون: المسجد: أعظم مصنع لصناعة رجال الأمة في كافة الميادين، فالمفسر للقرآن يتخرج من المسجد، والمحدّث يتخرج من المسجد، والفقيه يتخرج من المسجد، والخطيب يخطب في المسجد، والمفتي يفتي في المسجد، والمجاهد ينطلق من المسجد، والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والحاكم بشرع الله والمنفذ لأوامر الله والداعي إلى سنة رسول الله وغيرُهم كثير كلهم تخرجوا من المسجد. ولذلك فإن المساجد في عصور السلف الصالح خرّج قادة الدنيا وأصحاب التأثير في تاريخ الإنسانية. فالخلفاء الراشدون من أين تخرّجوا؟ وأين تعلّموا؟ العبادلة الأربعة والقادة الفاتحون والشهداء في سبيل الله جميعهم كانوا من المهاجرين والأنصار وغيرهم من الثلة الخيرة والنخبة المصطفاة الذين كانوا عباداً للحجر فأصبحوا قادة وزعماء للبشر، وكانوا رعاة للغنم فأصبحوا سادة للأمم، جميعهم تخرّجوا من مسجد المدينة.

مسجد محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان مبنياً من الطين ومسقوفاً بجريد النخل. فماذا فعلت مساجدنا التي بنيت بأرقى الخامات، وصممت على أحدث التصميمات؟ هل أثرت في مسيرة هذه الأمة؟ هل أخرجت لنا وللأمة المسلمة علماً نافعاً وعملاً صالحاً؟ هل وقفت مساجدنا سداً منيعاً أمام حملات الغزو الفكري والعسكري والتيارات الهدامة من العولمة والحداثة والعلمانية والليبرالية وغيرها؟ هل بعثت الفكر من مرقده وأيقظته من سباته؟ هل شحذت الهمم وحركت المشاعر في النفوس؟ هل بثت النور في قارات الأرض؟ وهل عبرت منها الكلمات الصادقة عبر المحيطات؟. الجواب معروف : لا وألفُ لا، وذلك أمر يؤسف له، أما لماذا؟ فلأننا عمرنا مساجدنا بالبناء ولم نعمرها بالذكر والدعاء، ولأننا عمرناها بالزخارف والألوان ولم نعمرها بتلاوة القرآن، ولأننا لم نتعامل مع المسجد كما تعامل معه أولئك الكرام، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد". هذا هو الواقع الحالي في تعاملنا اليوم مع المساجد التي أصبحت مظاهر، وأصبحت آيات في حسن البناء وروعة الهندسة تعجب الناظرين وتسرهم في مظهرها إلا أنها في مخبرها وجوهرها لم تؤد رسالة ولم تحقق هدفاً، فعقم جيلها، وسكتت ألسنتها، واختفت حلقاتها، وانطفأ نورها، وانعدم دورها.

نفعني الله وإياكم ...


الخطبة الثانية:

الحمد لله ...

أما بعد: من الوسائل الغربية الخطيرة في هجمتهم على العالم الإسلامي والإسلام في الفترة الحالية: تحييد دور المسجد: من الخطوات الهامة التي تبنَّتها جهات غربية في معركة التعامل مع القوة العقدية والفكرية للأمة، الانتقالُ الحادّ من مشروع التغريب إلى مشروع التغيير، أي: من مشروع تغيير المسلمين إلى مشروع تغيير الإسلام، وكان من أهم خطوات تحقيق ذلك تحييد دور المسجد خارج معادلة التأثير على المسلمين. لقد لاحظ مفكرو الغرب منذ قرون طويلة أن الطريق الأمثل للتخلُّص من تأثير الدين يكمن في تهميش مكانة دُور العبادة، وارتباط الناس بها، ونجح مخططو ما سُمِّي بالنهضة العَلْمانية الغربية في إبعاد الإنسان الأوروبي عن الكنيسة من ناحية، وتحويل الكنيسة إلى مركز اجتماعي لا ديني من ناحية أخرى. وقد شهدت سنوات المواجهة بين بعض الدول العربية وبين الجماعات الإسلامية أن المنافسة على سيادة المساجد تُحسَم دائماً لصالح التيارات الشعبية والجماعات الإسلامية، بصرف النظر عن قُرْبها أو بُعْدها من المفهوم الصحيح والمعتدل للإسلام. ولكن الحكومات العربية والكثير من الحكومات الإسلامية التي تسعى للحفاظ على مكانتها في مواجهة تيارات عديدة تستخدم الإسلام لمحاولة إزاحتها من السلطة سواء بحق أو بغير ذلك، قد وجدت أن الطريق الوحيد للتعامل مع المسجد هو أن يدخل تحت سيطرة الدولة بشكل تام، وكانت هذه هي خطط معظم الحكومات في العقدين الماضيين.

أما مفكرو مشروع الهيمنة الغربية المهتمون بالتعامل مع الإسلام، فإن لهم تصوراً مخالفاً فيما يتعلق بدور المسجد. هؤلاء المفكرون لا يريدون استخدام المسجد على الإطلاق، فالمسجد في نظرهم رمز للإسلام بصرف النظر عما سيقال أو يحدث داخله. ولذلك فإن محاولة تغيير الإسلام كانت تهدف في المرحلة الأولى إلى تقليل ارتباط الإنسان بالمسجد ما أمكن، ونَقْلُ ساحة النقاش والفتوى والفكر والدعوة إلى خارج المساجد لتنتقل إلى الفضائيات، أو جمعيات المجتمع المدني، أو المنتديات الفكرية أو الإعلامية. وعندما يُنقل النقاش حول الإسلام إلى خارج المسجد تنفتح الكثير من الفرص لأنصار مشروع تغيير الإسلام، فعندها يصبح عالِم الدين مجرد طرف في النقاش، ويمكن أن يتم التغلب على أفكاره من خلال الحيل الإعلامية والتسويقية وغيرها من الطرق التي لا تمتُّ إلى الرسالة أو المضمون بصلة. فهل أدركتم اللعبة؟.

ورغم أن تصورات الغرب في تلك الفترة لتغيير الإسلام كانت متنوعة، إلا أنها كانت تصورات يجمعها قاسم مشترك، وهو عدم الاعتماد الكلي على التيارات العَلْمانية أو الليبرالية العربية للقيام بذلك، فهذه التيارات رغم تبنِّيها المناهج العَلْمانية والليبرالية الغربية، إلا أنها في مجملها تتوقف عندما يتعلق الأمر بالإسلام كونه ديناً. التفسير الغربي لذلك أن بعضاً منهم يحمل بين جوانحه قلباً لا يزال به نور الإسلام، وبعضهم الآخر يدرك أن المعركة خاسرة، وهناك من لا يرى إشعال الصراع حول الإسلام حتى وإن كان ذلك ما يطلبه الغرب.

ومن أجل التغلب على ذلك لجأ الغرب إلى طريقين: الأول: التدخل المباشر لتحقيق الهدف المطلوب من خلال استخدام القوانين الدولية والذراع العسكرية والاقتصادية. أما الطريق الآخر: فهو الضغط المباشر على الدول والحكومات العربية والإسلامية لاتِّخاذ ما يراه الغرب من خطوات لتحقيق الهدف المطلوب وهو تغيير الإسلام. كما بدأ استخدام السفارات ومؤسسات المعونة والجمعيات الغربية الموجودة في المنطقة للمساهمة بشكل عملي ومكشوف في هذا البرنامج. وشهدت السنوات الست الماضية سباقاً محموماً من أجل تحقيق هذه الأهداف، وتمرير هذا المخطط إلى العالم الإسلامي. وتحقق للمشروع بعض النجاحات، ولكنه فشل أيضاً في جوانب أخرى منه كثيرة.

نسأل الله جل وتعالى أن يرد كيدهم في نحورهم.

اللهم ...


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
wad-habeeb


wad-habeeb


الإشتراك : 01/11/2007
المساهمات : 9427
الـعـمـر : 46
اللاعب المفضل : محمد ابو تريكه
ناديك المفضل : الاهلى وبرشلونه
نقاط التميز نقاط التميز : 1953

تاريخ المسجد  1430هـ Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ المسجد 1430هـ   تاريخ المسجد  1430هـ Emptyالثلاثاء أغسطس 09, 2011 1:37 am

كل الشكر لطرح الموضوع ...وبيان اسبابه ومعتقداته ...

والموضوع فى حد ذاته جميل ..والاجمل منه ان الدول العربية وشعوبها تعى هذا

وتحاول بكل جهد ان تتخطى تلك الامور فى مهدها ..وما يصاحبها من عواقب

لذا فامة الاسلام بخير ما دام كتاب الله فى ايديهم وفى عقولهم ...

نسال الله ان يقوى عزيمتنا ويبعدنا عن خطر تلك الدول .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اهلاويه موووت


اهلاويه موووت


الإشتراك : 12/11/2009
المساهمات : 6698
الـعـمـر : 59
الإقامة : فلسطينيه
اللاعب المفضل : ابوتريكه
ناديك المفضل : الاهلى$ برشلونه
نقاط التميز نقاط التميز : 1364

تاريخ المسجد  1430هـ Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ المسجد 1430هـ   تاريخ المسجد  1430هـ Emptyالثلاثاء أغسطس 09, 2011 2:55 pm


المسجد الحاجه الوحيده اللى ماقدرش الغرب يحجمه او يمنعه لمعرفته بصله المسلمين به

فهم يحاولوا دايما والى الابد

وان شاء الله ربنا ينصر الاسلام والمسلمين

ويحمى كل مساجد المسلمين

شكرا على التوبيك الجميل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تاريخ المسجد 1430هـ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Al-Ahly Fans Official Site :: 
القسم الإسلامي || Islamic Section
 :: الموضوعات الإسلامية
-
انتقل الى: